عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) * (المائدة: 13) وقال الشافعي: الخنزير إذا أطلق فإنه يتبادر إلى الفهم خنزير البر لا خنزير البحر، كما أن اللحم إذا أطلق يتبادر إلى الفهم لحم غير السمك لا لحم السمك بالاتفاق ولأن خنزير الماء لا يسمى خنزيرا على الإطلاق بل يسمى خنزير الماء.
المسألة الثالثة: للشافعي رضي الله عنه قولان: في أنه هل يغسل الإناء من ولغ الخنزير سبعا؟ أحدها: نعم تشبيها له بالكلب والثاني: لا لأن ذلك التشديد إنما كان فطما لهم عن مخالطة الكلاب وهم ما كانوا يخالطون الخنزير فظهر الفرق.
الفصل الرابع في تحريم ما أهل به لغير الله من الناس من زعم أن المراد بذلك ذبائح عبدة الأوثان الذين كانوا يذبحون لأوثانهم، كقوله تعالى: * (وما ذبح على النصب) * (المائدة: 3) وأجازوا ذبيحة النصراني إذا سمى عليها باسم المسيح، وهو مذهب عطاء ومكحول والحسن والشعبي وسعيد بن المسيب، وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه لا يحل ذلك والحجة فيه أنهم إذا ذبحوا على اسم المسيح فقد أهلوا به لغير الله، فوجب أن يحرم وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إذا سمعتم اليهود والنصارى يهلون لغير الله فلا تأكلوا وإذا لم تسمعوهم فكلوا فإن الله تعالى قد أحل ذبائحهم، وهو يعلم ما يقولون، واحتج المخالف بوجوه الأول: إنه تعالى قال: * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * (المائدة: 5) وهذا عام، الثاني: أنه تعالى قال: * (وما ذبح على النصب) * فدل على أن المراد بقوله: * (وما أهل به لغير الله) * هو المراد بقوله: * (وما ذبح على النصب) * الثالث: أن النصراني إذا سمى الله تعالى وإنما يريد به المسيح فإذا كانت إرادته لذلك لم تمنع حل ذبيحته مع أنه يهل به لغير الله فكذلك ينبغي أن يكون حكمه إذا أظهر ما يضمره عند ذكر الله وإرادته المسيح.
والجواب عن الأول: أن قوله: * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * عام وقوله: * (وما أهل به لغير الله) * خاص والخاص مقدم على العام وعن الثاني: أن قوله: * (وما ذبح على النصب) * لا يقتضي تخصيص قوله: * (وما أهل به لغير الله) * لأنهما آيتان متباينتان ولا مساواة بينهما وعن الثالث: أنا إنما كلفنا بالظاهر لا بالباطن، فإذا ذبحه على اسم الله وجب أن يحل، ولا سبيل لنا إلى الباطن.