خير لكم من الفدية والثاني: أن هذا خطاب مع كل من تقدم ذكرهم، أعني المريض والمسافر والذين يطيقونه، وهذا أولى لأن اللفظ عام، ولا يلزم من اتصاله بقوله: * (وعلى الذين يطيقونه) * أن يكون حكمه مختصا بهم، لأن اللفظ عام ولا منافاة في رجوعه إلى الكل، فوجب الحكم بذلك وعند هذا يتبين أنه لا بد من الإضمار في قوله: * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) * وأن التقدير: فأفطر فعدة من أيام أخر الثالث: أن يكون قوله: * (وأن تصوموا خير لكم) * عطفا عليه على أول الآية فالتقدير: كتب عليكم الصيام وأن تصوموا خير لكم.
أما قوله: * (إن كنتم تعلمون) * أي أن الصوم عليكم فاعلموا صدق قولنا وأن تصوموا خير لكم الثاني: أن آخر الآية متعلق بأولها والتقدير كتب عليكم الصيام وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون أي أنكم إذا تدبرتم علمتم ما في الصوم من المعاني المورثة للتقوى وغيرها مما ذكرناه في صدر هذه الآية الثالثة: أن العالم بالله لا بد وأن يكون في قلبه خشية الله على ما قال: * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * (فاطر: 28) فذكر العلم والمراد الخشية، وصاحب الخشية يراعي الإحتياط والاحتياط في فعل الصوم، فكأنه قيل: إن كنتم تعلمون الله حتى تخشونه كان الصوم خيرا لكم.
قوله تعالى * (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: الشهر مأخوذ من الشهرة يقال، شهر الشيء يشهر شهرة وشهرا إذا ظهر، وسمي الشهر شهرا لشهرة أمره وذلك لأن حاجات الناس ماسة إلى معرفته بسبب أوقات ديونهم،