السفن ما تركبونه في البحار إلى حيث قصدتم واعتمدتم في سيركم فيها لمعايشكم ومطالبكم، ومن الانعام ما تركبونه في البر إلى حيث أردتم من البلدان، كالإبل والخيل والبغال والحمير.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ئ وإنا إلى ربنا لمنقلبون) *.
يقول تعالى ذكره: كي تستووا على ظهور ما تركبون.
واختلف أهل العربية في وجه توحيد الهاء في قوله: على ظهوره وتذكيرها، فقال بعض نحويي البصرة: تذكيره يعود على ما تركبون، وما هو مذكر، كما يقال: عندي من النساء من يوافقك ويسرك، وقد تذكر الانعام وتؤنث. وقد قال في موضع آخر: مما في بطونه وقال في موضع آخر: بطونها. وقال بعض نحويي الكوفة: أضيفت الظهور إلى الواحد، لان ذلك الواحد في معنى جمع بمنزلة الجند والجيش. قال: فإن قيل: فهلا قلت: لتستووا على ظهره، فجعلت الظهر واحدا إذا أضفته إلى واحد. قلت: إن الواحد فيه معنى الجمع، فردت الظهور إلى المعنى، ولم يقل ظهره، فيكون كالواحد الذي معناه ولفظه واحد. وكذلك تقول: قد كثر نساء الجند، وقلت: ورفع الجند أعينه ولم يقل عينه. قال: وكذلك كل ما أضفت إليه من الأسماء الموصوفة، فأخرجها على الجمع، وإذا أضفت إليه اسما في معنى فعل جاز جمعه وتوحيده، مثل قولك: رفع العسكر صوته، وأصواته أجود وجاز هذا لان الفعل لا صورة له في الاثنين إلا الصورة في الواحد.
وقال آخر منهم: قيل: لتستووا على ظهره لأنه وصف للفلك، ولكنه وحد الهاء، لان الفلك بتأويل جمع، فجمع الظهور ووحد الهاء، لان أفعال كل واحد تأويله الجمع توحد وتجمع مثل: الجند منهزم ومنهزمون، فإذا جاءت الأسماء خرج على الأسماء لا غير، فقلت: الجند رجال، فلذلك جمعت الظهور ووحدت الهاء، ولو كان مثل الصوت وأشباهه جاز الجند رافع صوته وأصواته.