القول في تأويل قوله تعالى:
[/ بم * (وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) *.
يقول تعالى ذكره: وإذا علم هذا الأفاك الأثيم من آيات الله شيئا اتخذها هزوا: يقول: اتخذ تلك الآيات التي علمها هزوا، يسخر منها، وذلك كفعل أبي جهل حين نزلت إن شجرة الزقوم طعام الأثيم إذ دعا بتمر وزبد فقال: تزقموا من هذا، ما يعدكم محمد إلا شهدا، وما أشبه ذلك من أفعالهم.
وقوله: أولئك لهم عذاب مهين يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين يفعلون هذا الفعل، وهم الذين يسمعون آيات الله تتلى عليهم ثم يصرون على كفرهم استكبارا، ويتخذون آيات الله التي علموها هزوا، لهم يوم القيامة من الله عذاب مهين يهينهم ويذلهم في نار جهنم، بما كانوا في الدنيا يستكبرون عن طاعة الله واتباع آياته، وإنما قال تعالى ذكره: أولئك فجمع. وقد جرى الكلام قبل ذلك ردا للكلام إلى معنى الكل في قوله: ويل لكل أفاك أثيم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم) *.
يقول تعالى ذكره: ومن وراء هؤلاء المستهزئين بآيات الله، يعني من بين أيديهم.
وقد بينا العلة التي من أجلها قيل لما أمامك، هو وراءك، فيما مضى بما أغنى عن إعادته يقول: من بين أيديهم نار جهنم هم واردوها، ولا يغنيهم ما كسبوا شيئا: يقول: ولا يغني عنهم من عذاب جهنم إذا هم عذبوا به ما كسبوا في الدنيا من مال وولد شيئا.
وقوله: ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء يقول: ولا آلهتهم التي عبدوها من دون