وقوله: ساء ما يحكمون يقول تعالى ذكره: بئس الحكم الذي حسبوا أنا نجعل الذين اجترحوا السيئات والذين آمنوا وعملوا الصالحات، سواء محياهم ومماتهم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون) *.
يقول تعالى ذكره: وخلق الله السماوات والأرض بالحق للعدل والحق، لا لما حسب هؤلاء الجاهلون بالله، من أنه يجعل من اجترح السيئات، فعصاه وخالف أمره، كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، في المحيا والممات، إذ كان ذلك من فعل غير أهل العدل والانصاف، يقول جل ثناؤه: فلم يخلق الله السماوات والأرض للظلم والجور، ولكنا خلقناهما للحق والعدل. ومن الحق أن نخالف بين حكم المسئ والمحسن، في العاجل والآجل.
وقوله: ولتجزى كل نفس بما كسبت يقول تعالى ذكره: وليثيب الله كل عامل بما عمل من عمل خلق السماوات والأرض، المحسن بالاحسان، والمسئ بما هو أهله، لا لنبخس المحسن ثواب إحسانه، ونحمل عليه جرم غيره، فنعاقبه، أو نجعل للمسئ ثواب إحسان غيره فنكرمه، ولكن لنجزي كلا بما كسبت يداه، وهم لا يظلمون جزاء أعمالهم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه فقال بعضهم:
معنى ذلك: أفرأيت من اتخذ دينه بهواه، فلا يهوى شيئا إلا ركبه، لأنه لا يؤمن بالله، ولا يحرم ما حرم، ولا يحلل ما حلل، إنما دينه ما هويته نفسه يعمل به. ذكر من قال ذلك:
24133 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه قال: ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان.