القول في تأويل قوله تعالى:
* (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) *.
يقول تعالى ذكره: ما آتينا هؤلاء القائلين: لو شاء الرحمن ما عبدنا هؤلاء الأوثان بالأمر بعبادتها، كتابا من عندنا، ولكنهم قالوا: وجدنا آباءنا الذين كانوا قبلنا يعبدونها، فنحن نعبدها كما كانوا يعبدونها وعنى جل ثناؤه بقوله: بل وجدنا آباءنا على أمة بل وجدنا آباءنا على دين وملة، وذلك هو عبادتهم الأوثان. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23813 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:
على أمة: ملة.
23814 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: إنا وجدنا آباءنا على أمة يقول: وجدنا آباءنا على دين.
23815 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إنا وجدنا آباءنا على أمة قال: قد قال ذلك مشركو قريش: إنا وجدنا آباءنا على دين.
23816 - حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط عن السدي قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة قال: على دين.
واختلفت القراء في قراءة قوله: على أمة فقرأته عامة قراء الأمصار على أمة بضم الألف بالمعنى الذي وصفت من الدين والملة والسنة. وذكر عن مجاهد وعمر بن عبد العزيز أنهما قرأه على إمة بكسر الألف. وقد اختلف في معناها إذا كسرت ألفها، فكان بعضهم يوجه تأويلها إذا كسرت على أنها الطريقة وأنها مصدر من قول القائل: أممت القوم فأنا أؤمهم إمة. وذكر عن العرب سماعا: ما أحسن عمته وإمته وجلسته إذا كان مصدرا. ووجهه بعضهم إذا كسرت ألفها إلى أنها الأمة التي بمعنى النعيم والملك، كما قال عدي ابن زيد: