القول في تأويل قوله تعالى:
* (فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون ئ فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون ئ واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون) *.
يقول تعالى ذكره: فدعا موسى ربه إذ كذبوه ولم يؤمنوا به، ولم يؤد إليه عباد الله، وهموا بقتله بأن هؤلاء، يعني فرعون وقومه قوم مجرمون عنى: أنهم مشركون بالله كافرون.
وقوله: فأسر بعبادي وفي الكلام محذوف استغني بدلالة ما ذكر عليه منه، وهو:
فأجابه ربه بأن قال له: فأسر إذ كان الامر كذلك بعبادي، وهم بنو إسرائيل، وإنما معنى الكلام: فأسر بعبادي الذين صدقوك وآمنوا بك، واتبعوك دون الذين كذبوك منهم، وأبوا قبول ما جئتهم به من النصيحة منك، وكان الذين كانوا بهذه الصفة يومئذ بني إسرائيل.
وقال: فأسر بعبادي ليلا لان معنى ذلك: سر بهم بليل قبل الصباح.
وقوله: إنكم متبعون يقول: إن فرعون وقومه من القبط متبعوكم إذا شخصتم عن بلدهم وأرضهم في آثاركم.
وقوله: واترك البحر رهوا يقول: وإذا قطعت البحر أنت وأصحابك، فاتركه ساكنا على حاله التي كان عليها حين دخلته. وقيل: إن الله تعالى ذكره قال لموسى هذا القول بعد ما قطع البحر ببني إسرائيل فإذ كان ذلك كذلك، ففي الكلام محذوف، وهو:
فسرى موسى بعبادي ليلا، وقطع بهم البحر، فقلنا له بعد ما قطعه، وأراد رد البحر إلى هيئته التي كان عليها قبل انفلاقه: اتركه رهوا. ذكر من قال ما ذكرنا من أن الله عز وجل قال لموسى (ص) هذا القول بعد ما قطع البحر بقومه:
24057 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون حتى بلغ إنهم جند مغرقون قال: لما خرج آخر بني إسرائيل أراد نبي الله (ص) أن يضرب البحر بعصاه، حتى يعود كما كان مخافة آل فرعون أن يدركوهم، فقيل له: اترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون.