. وقوله: ويمح الله الباطل في موضع رفع بالابتداء، ولكنه حذفت منه الواو في المصحف، كما حذفت من قوله: سندع الزبانية ومن قوله: ويدع الانسان بالشر وليس بجزم على العطف على يختم.
وقوله: إنه عليم بذات الصدور يقول تعالى ذكره: إن الله ذو علم بما في صدور خلقه، وما تنطوي عليه ضمائرهم، لا يخفى عليه من أمورهم شئ، يقول لنبيه (ص): لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا، لطبعت على قلبك، وأذهبت الذي آتيتك من وحيي، لأني أمحو الباطل فأذهبه وأحق الحق، وإنما هذا إخبار من الله الكافرين به، الزاعمين أن محمدا افترى هذا القرآن من قبل نفسه، فأخبرهم أنه إن فعل لفعل به ما أخبر به في هذه الآية.
القول في تأويل قوله تعالى : * (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون) * . يقول تعالى ذكره: والله الذي يقبل مراجعة العبد إذا رجع إلى توحيد الله وطاعته من بعد كفره ويعفوا عن السيئات يقول: ويعفو أن يعاقبه على سيئاته من الأعمال، وهي معاصيه التي تاب منها ويعلم ما تفعلون اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة يفعلون بالياء، بمعنى: ويعلم ما يفعل عباده، وقرأته عامة قراء الكوفة تفعلون بالتاء على وجه الخطاب.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن الياء أعجب إلي، لان الكلام من قبل ذلك جرى على الخبر، وذلك قوله: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعني جل ثناؤه بقوله:
ويعلم ما تفعلون ويعلم ربكم أيها الناس ما تفعلون من خير وشر، لا يخفى عليه من ذلك شئ، وهو مجازيكم على كل ذلك جزاءه، فاتقوا الله في أنفسكم، واحذروا أن تركبوا ما تستحقون به منه العقوبة.