والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24109 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إن المتقين في مقام أمين إي والله، أمين من الشيطان والأنصاب والأحزان.
وقوله: في جنات وعيون الجنات والعيون ترجمة عن المقام الأمين، والمقام الأمين: هو الجنات والعيون، والجنات: البساتين، والعيون: عيون الماء المطرد في أصول أشجار الجنات.
وقوله: يلبسون من سندس يقول: يلبس هؤلاء المتقون في هذه الجنات من سندس، وهو ما رق من الديباج وإستبرق: وهو ما غلظ من الديباج. كما:
24110 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، في قوله: من سندس وإستبرق قال: الاستبرق: الديباج الغليظ.
وقيل: يلبسون من سندس وإستبرق ولم يقل لباسا، استغناء بدلالة الكلام على معناه.
وقوله: متقابلين يعني أنهم في الجنة يقابل بعضهم بعضا بالوجوه، ولا ينظر بعضهم في قفا بعض. وقد ذكرنا الرواية بذلك فما مضى، فأغني ذلك عن إعادته.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (كذلك وزوجناهم بحور عين ئ يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ئ لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم ئ فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم) *.
يقول تعالى ذكره: كما أعطينا هؤلاء المتقين في الآخرة من الكرامة بإدخالناهم الجنات، وإلباسناهم فيها السندس والاستبرق، كذلك أكرمناهم بأن زوجناهم أيضا فيها حورا من النساء، وهن النقيات البياض، واحدتهن: حوراء. وكان مجاهد يقول في معنى الحور، ما: