السالفة قبل الأمم التي توعدها بهذه الآية في تكذيبها رسلها، وما أحل بها من نقمته، ففي ذلك دليل على أن قوله: أفنضرب عنكم الذكر صفحا وعيد منه للمخاطبين به من أهل بالشرك، إذ سلكوا في التكذيب بما جاءهم عن الله رسولهم مسلك الماضين قبلهم.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والكوفة إن كنتم بكسر الألف من إن بمعنى: أفنضرب عنكم الذكر صفحا إذ كنتم قوما مسرفين. وقرأه بعض قراء أهل مكة والكوفة وعامة قراء البصرة أن بفتح الألف من أن، بمعنى: لان كنتم.
واختلف أهل العربية في وجه فتح الألف من أن في هذا الموضع، فقال بعض نحويي البصرة: فتحت لان معنى الكلام: لان كنتم. وقال بعض نحويي الكوفة: من فتحها فكأنه أراد شيئا ماضيا، فقال: وأنت تقول في الكلام: أتيت أن حرمتني، تريد: إذ حرمتني، ويكسر إذا أردت: أتيت إن تحرمني. ومثله: لا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم وإن صدوكم بكسر وبفتح.
فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا قال: والعرب تنشد قول الفرزدق:
أتجزع أن أذنا قتيبة حزتا * جهارا ولم تجزع لقتل ابن حازم قال: وينشد:
أتجزع أن بان الخليط المودع * وحبل الصفا من عزة المتقطع قال: وفي كل واحد من البيتين ما في صاحبه من الكسر والفتح.