قالوا: الموت لا يعتلق بعض النفوس، وإنما المعنى: أو يعتلق النفوس حمامها، وليس لما قال هذا القائل كبير معنى، لان عيسى إنما قال لهم: ولا بين لكم بعض الذي تختلفون فيه، لأنه قد كان بينهم اختلاف كثير في أسباب دينهم ودنياهم، فقال لهم: أبين لكم بعض ذلك، وهو أمر دينهم دون ما هم فيه مختلفون من أمر دنياهم، فلذلك خص ما أخبرهم أنه يبينه لهم. وأما قول لبيد: أو يعتلق بعض النفوس، فإنه إنما قال ذلك أيضا كذلك، لأنه أراد: أو يعتلق نفسه حمامها، فنفسه من بين النفوس لا شك أنها بعض لا كل.
وقوله: فاتقوا الله وأطيعون يقول: فاتقوا ربكم أيها الناس بطاعته، وخافوه باجتناب معاصيه، وأطيعون فيما أمرتكم به من اتقاء الله واتباع أمره، وقبول نصيحتي لكم.
وقوله: إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه يقول: إن الله الذي يستوجب علينا إفراده بالألوهية وإخلاص الطاعة له، ربي وربكم جميعا، فاعبدوه وحده، لا تشركوا معه في عبادته شيئا، فإنه لا يصلح، ولا ينبغي أن يعبد شئ سواه.
وقوله: هذا صراط مستقيم يقول: هذا الذي أمرتكم به من اتقاء الله وطاعتي، وإفراد الله بالألوهية، هو الطريق المستقيم، وهو دين الله الذي لا يقبل من أحد من عباده غيره. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ئ هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون) *.
اختلف أهل التأويل في المعنيين بالأحزاب، الذين ذكرهم الله في هذا الموضع، فقال بعضهم: عنى بذلك: الجماعة التي تناظرت في أمر عيسى، واختلفت فيه. ذكر من قال ذلك:
23947 - حدثنا ابن عبد الأعلى قال، ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: فاختلف الأحزاب من بينهم قال: هم الأربعة الذين أخرجهم بنو إسرائيل يقولون في عيسى. وقال آخرون: بل هم اليهود والنصارى. ذكر من قال ذلك:
23948 - حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله:
فاختلف الأحزاب من بينهم قال: اليهود والنصارى.