الاسلام الذي قال الله تبارك وتعالى: ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.
والصواب من القول أن يقال: إنه معني به كل منتصر من ظالمه، وأن الآية محكمة غير منسوخة للعلة التي بينت في الآية قبلها.
وقوله: إنما السبيل على الذين يظلمون الناس يقول تبارك وتعالى: إنما الطريق لكم أيها الناس على الذين يتعدون على الناس ظلما وعدوانا، بأن يعاقبوهم بظلمهم لا على من انتصر ممن ظلمه، فأخذ منه حقه.
وقوله: ويبغون في الأرض بغير الحق يقول: ويتجاوزون في أرض الله الحد الذي أباح لهم ربهم إلى ما لم يأذن لهم فيه، فيفسدون فيها بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم يقول: فهؤلاء الذين يظلمون الناس، ويبغون في الأرض بغير الحق، لهم عذاب من الله يوم القيامة في جهنم مؤلم موجع.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ئ ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل) *.
يقول تعالى ذكره: ولمن صبر على إساءة إليه، وغفر للمسئ إليه جرمه إليه، فلم ينتصر منه، وهو على الانتصار منه قادر ابتغاء وجه الله وجزيل ثوابه إن ذلك لمن عزم الأمور يقول: إن صبره ذلك وغفرانه ذنب المسئ إليه، لمن عزم الأمور التي ندب إليها عباده، وعزم عليهم العمل به ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده يقول:
ومن خذله الله عن الرشاد، فليس له من ولي يليه، فيهديه لسبيل الصواب، ويسدده من بعد إضلال الله إياه وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وترى الكافرين بالله يا محمد يوم القيامة لما عاينوا عذاب الله يقولون لربهم: هل لنا يا رب إلى مرد من سبيل؟ وذلك كقوله ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا