القول في تأويل قوله تعالى:
* (والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون ئ والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون) * . يقول تعالى ذكره: والذي نزل من السماء ماء بقدر يعني: ما نزل جل ثناؤه من الأمطار من السماء بقدر: يقول: بمقدار حاجتكم إليه، فلم يجعله كالطوفان، فيكون عذابا كالذي أنزل على قوم نوح، ولا جعله قليلا، لا ينبت به النبات والزرع من قلته، ولكنه جعله غيثا مغيثا، وحيا للأرض الميتة محييا فأنشرنا به بلدة ميتا يقول جل ثناؤه: فأحيينا به بلدة من بلادكم ميتا، يعني مجدبة لا نبات بها ولا زرع، قد درست من الجدوب، وتعفنت من القحوط كذلك تخرجون يقول تعالى ذكره: كما أخرجنا بهذا الماء الذي نزلناه من السماء من هذه البلدة الميتة بعد جدوبها وقحوطها النبات والزرع، كذلك أيها الناس تخرجون من بعد فنائكم ومصيركم في الأرض رفاتا بالماء الذي أنزله إليها لاحيائكم من بعد مماتكم منها أحياء كهيئتكم التي بها قبل مماتكم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23789 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة والذي نزل من السماء ماء بقدر... الآية، كما أحيى الله هذه الأرض الميتة بهذا الماء كذلك تبعثون يوم القيامة وقيل: أنشرنا به، لان معناه: أحيينا به، ولو وصفت الأرض بأنها أحييت، قيل:
نشرت الأرض، كما قال الأعشى:
حتى يقول الناس مما رأوا * يا عجبا للميت الناشر وقوله: والذي خلق الأزواج كلها يقول تعالى ذكره: والذي خلق كل شئ فزوجه، أي خلق الذكور من الإناث أزواجا، والإناث من الذكور أزواجا وجعل لكم من الفلك وهي السفن والانعام وهي البهائم ما تركبون يقول: جعل لكم من