والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. فتأويل الكلام إذن: وقال محمد قيله شاكيا إلى ربه تبارك وتعالى قومه الذين كذبوه، وما يلقى منهم: يا رب إن هؤلاء الذين أمرتني بإنذارهم وأرسلتني إليهم لدعائهم إليك، قوم لا يؤمنون. كما:
23994 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون قال: فأبر الله عز وجل قول محمد (ص).
23995 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون قال: هذا قول نبيكم عليه الصلاة والسلام يشكو قومه إلى ربه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة وقيله يا رب قال: هو قول النبي (ص) إن هؤلاء قوم لا يؤمنون.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص)، جوابا له عن دعائه إياه إذ قال: يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون فاصفح عنهم يا محمد، وأعرض عن أذاهم وقل لهم سلام عليكم ورفع سلام بضمير عليكم أو لكم.
واختلفت القراء في قراءة قوله: فسوف يعلمون فقرأ ذلك عامة قراء المدينة فسوف تعلمون بالتاء على وجه الخطاب، بمعنى: أمر الله عز وجل نبيه (ص) أن يقول ذلك للمشركين، مع قوله: سلام، وقرأته عامة قراء الكوفة وبعض قراء مكة فسوف يعلمون بالياء على وجه الخبر، وأنه وعيد من الله للمشركين، فتأويله على هذه القراءة:
فاصفح عنهم يا محمد وقل سلام. ثم ابتدأ تعالى ذكره الوعيد لهم، فقال فسوف يعلمون ما يلقون من البلاء والنكال والعذاب على كفرهم، ثم نسخ الله جل ثناؤه هذه الآية، وأمر نبيه (ص) بقتالهم. كما: