والمجازاة، يقول تعالى ذكره: لم نخلق الخلق عبثا بأن نحدثهم فنحييهم ما أردنا، ثم نفنيهم من غير الامتحان بالطاعة والامر والنهي، وغير مجازاة المطيع على طاعته، والعاصي على المعصية، ولكن خلقنا ذلك لنبتلي من أردنا امتحانه من خلقنا بما شئنا من امتحانه من الأمر والنهي لنجزي الذين أساؤا بما عملوا ولنجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
ولكن أكثرهم لا يعلمون يقول تعالى ذكره: ولكن أكثر هؤلاء المشركين بالله لا يعلمون أن الله خلق ذلك لهم، فهم لا يخافون على ما يأتون من سخط الله عقوبة، ولا يرجون على خير إن فعلوه ثوابا لتكذيبهم بالمعاد.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين ئ يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون ئ إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم) *.
يقول تعالى ذكره: إن يوم فصل الله القضاء بين خلقه بما أسلفوا في دنياهم من خير أو شر يجزى به المحسن بالاحسان، والمسئ بالإساءة ميقاتهم أجمعين: يقول: ميقات اجتماعهم أجمعين. كما:
24091 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين يوم يفصل فيه بين الناس بأعمالهم.
وقوله: يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا يقول: لا يدفع ابن عم عن ابن عم، ولا صاحب عن صاحبه شيئا من عقوبة الله التي حلت بهم من الله ولا هم ينصرون يقول: ولا ينصر بعضهم بعضا، فيستعيذوا ممن نالهم بعقوبة كما كانوا يفعلونه في الدنيا. كما:
24092 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا... الآية، انقطعت الأسباب يومئذ يا ابن آدم، وصار الناس إلى أعمالهم، فمن أصاب يومئذ خيرا سعد به آخر ما عليه، ومن أصاب يومئذ شرا شقي به آخر ما عليه.