إنك على وجه الابتداء. وحكاية قول هذا القائل: إني أنا العزيز الكريم. وقرأ ذلك بعض المتأخرين ذق أنك بفتح الألف على إعمال قوله: ذق في قوله: أنك كأنك معنى الكلام عنده: ذق هذا القول الذي قلته في الدنيا.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا كسر الألف من إنك على المعنى الذي ذكرت لقارئه، لاجماع الحجة من القراء عليه، وشذوذ ما خالفه، وكفى دليلا على خطأ قراءة خلافها، ما مضت عليه الأئمة من المتقدمين والمتأخرين، مع بعدها من الصحة في المعنى وفراقها تأويل أهل التأويل.
وقوله: إن هذا ما كنتم به تمترون يقول تعالى ذكره: يقال له: إن هذا العذاب الذي تعذب به اليوم، هو العذاب الذي كنتم في الدنيا تشكون، فتختصمون فيه، ولا توقنون به فقد لقيتموه، فذوقوه.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن المتقين في مقام أمين ئ في جنات وعيون ئ يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين) *.
يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا الله بأداء طاعته، واجتناب معاصيه في موضع إقامة، آمنين في ذلك الموضع مما كان يخاف منه في مقامات الدنيا من الأوصاب والعلل والأنصاب والأحزان.
واختلفت القراء في قراءة قوله: في مقام أمين فقرأته عامة قراء المدينة في مقام أمين بضم الميم، بمعنى: في إقامة أمين من الظعن. وقرأته عامة قراء المصرين.
الكوفة والبصرة في مقام بفتح الميم على المعنى الذي وصفنا، وتوجيها إلى أنهم في مكان وموضع أمين.