يقول تعالى ذكره: ولم يكن لهؤلاء الكافرين حين يعذبهم الله يوم القيامة أولياء يمنعونهم من عذاب الله ولا ينتصرون لهم من ربهم على ما نالهم به من العذاب من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل يقول: ومن يخذله عن طريق الحق فما له من طريق إلى الوصول إليه، لان الهداية والاضلال بيده دون كل أحد سواه.
وقوله: استجيبوا لربكم يقول تعالى ذكره للكافرين به: أجيبوا أيها الناس داعي الله وآمنوا به واتبعوه على ما جاءكم به من عند ربكم، من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله: يقول: لا شئ يرد مجيئه إذا جاء الله به، وذلك يوم القيامة ما لكم من ملجأ يومئذ يقول جل ثناؤه: مالكم أيها الناس من معقل تحترزون فيه، وتلجأون إليه، فتعتصمون به من النازل بكم من عذاب الله على كفركم به، كان في الدنيا وما لكم من نكير يقول: ولا أنتم تقدرون لما يحل بكم من عقابه يومئذ على تغييره، ولا على انتصار منه إذا عاقبكم بما عاقبكم به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23756 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
ما لكم من ملجأ قال: من محرز. وقوله: من نكير قال: ناصر ينصركم.
23757 - حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي ما لكم من ملجأ يومئذ تلجأون إليه وما لكم من نكير يقول: من عز تعتزون.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الانسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الانسان كفور) *.
يقول تعالى ذكره: فإن أعرض هؤلاء المشركون يا محمد عما أتيتهم به من الحق، ودعوتهم إليه من الرشد، فلم يستجيبوا لك، وأبوا قبوله منك، فدعهم، فإنا لن نرسلك إليهم رقيبا عليهم، تحفظ عليهم أعمالهم وتحصيها إن عليك إلا البلاغ يقول: ما عليك يا محمد إلا أن تبلغهم ما أرسلناك به إليهم من الرسالة، فإذا بلغتهم ذلك، فقد قضيت ما