السميع لما يقول هؤلاء المشركون فيما أنزلنا من كتابنا، وأرسلنا من رسلنا إليهم، وغير ذلك من منطقهم ومنطق غيرهم، العليم بما تنطوي عليه ضمائرهم، وغير ذلك من أمورهم وأمور غيرهم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ئ لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين ئ بل هم في شك يلعبون) *.
اختلفت القراء في قراءة قوله: رب السماوات والأرض فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة رب السماوات بالرفع على اتباع إعراب الرب إعراب السميع العليم. وقرأته عامة قراء الكوفة وبعض المكيين رب السماوات خفضا ردا على الرب في قوله جل جلاله:
رحمة من ربك.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
ويعني بقوله: رب السماوات والأرض وما بينهما يقول تعالى ذكره الذي أنزل هذا الكتاب يا محمد عليك، وأرسلك إلى هؤلاء المشركين رحمة من ربك، مالك السماوات السبع والأرض وما بينهما من الأشياء كلها.
وقوله: إن كنتم موقنين يقول: إن كنتم توقنون بحقيقة ما أخبرتكم من أن ربكم رب السماوات والأرض، فإن الذي أخبرتكم أن الله هو الذي هذه الصفات صفاته، وأن هذا القرآن تنزيله، ومحمدا (ص) رسوله حق وقوله: لا إله يقين، فأيقنوا به كما أيقنتم بما توقنون من حقائق الأشياء غيره.
إلا هو يقول: لا معبود لكم أيها الناس غير رب السماوات والأرض وما بينهما، فلا تعبدوا غيره، فإنه لا تصلح العبادة لغيره، ولا تنبغي لشئ سواه، يحي ويميت، يقول: هو الذي يحي ما يشاء، ويميت ما يشاء مما كان حيا.
وقوله: ربكم ورب آبائكم الأولين يقول: هو مالككم ومالك من مضى قبلكم من آبائكم الأولين، يقول: فهذا الذي هذه صفته، هو الرب فاعبدوه دون آلهتكم التي لا تقدر على ضر ولا نفع.