وقوله: إلا من رحم الله اختلف أهل العربية في موضع من في قوله: إلا من رحم الله فقال بعض نحويي البصرة: إلا من رحم الله، فجعله بدلا من الاسم المضمر في ينصرون، وإن شئت جعلته مبتدأ وأضمرت خبره، يريد به: إلا من رحم الله فيغني عنه.
وقال بعض نحويي الكوفة قوله: إلا من رحم الله قال: المؤمنون يشفع بعضهم في بعض، فإن شئت فاجعل من في موضع رفع، كأنك قلت: لا يقوم أحد إلا فلان، وإن شئت جعلته نصبا على الاستثناء والانقطاع عن أول الكلام، يريد: اللهم إلا من رحم الله.
وقال آخرون منهم: معناه: لا يغني مولى عن مولى شيئا، إلا من أذن الله له أن يشفع قال: لا يكون بدلا مما في ينصرون، لان إلا محقق، والأول منفي، والبدل لا يكون إلا بمعنى الأول. قال: وكذلك لا يجوز أن يكون مستأنفا، لأنه لا يستأنف بالاستثناء.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يكون في موضع رفع بمعنى: يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا إلا من رحم الله منهم، فإنه يغني عنه بأن يشفع له عند ربه.
وقوله: إنه هو العزيز الرحيم يقول جل ثناؤه واصفا نفسه: إن الله هو العزيز في انتقامه من أعدائه، الرحيم بأوليائه، وأهل طاعته.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن شجرة الزقوم ئ طعام الأثيم ئ كالمهل يغلي في البطون ئ كغلي الحميم) *.
يقول تعالى ذكره: إن شجرة الزقوم التي أخبر أنها تنبت في أصل الجحيم، التي جعلها طعاما لأهل الجحيم، ثمرها في الجحيم طعام الآثم في الدنيا بربه، والأثيم: ذو الاثم، والاثم من أثم يأثم فهو أثيم. وعنى به في هذا الموضع: الذي إثمه الكفر بربه دون غيره من الآثام. وقد:
24093 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، أن أبا الدرداء كان يقرئ رجلا إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فقال: طعام اليتيم، فقال أبو الدرداء: قل إن شجرة الزقوم طعام الفاجر.