القول في تأويل قوله تعالى:
* (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم) * يقول تعالى ذكره أم لهؤلاء المشركين بالله شركاء في شركهم وضلالتهم شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله يقول: ابتدعوا لهم من الدين ما لم يبح الله لهم ابتداعه ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم يقول تعالى ذكره: ولولا السابق من الله في أنه لا يعجل لهم العذاب في الدنيا، وأنه مضى من قيله إنهم مؤخرون بالعقوبة إلى قيام الساعة، لفرغ من الحكم بينكم وبينهم بتعجيله العذاب لهم في الدنيا، ولكن لهم في الآخرة من العذاب الأليم، كما قال جل ثناؤه: وإن الظالمين لهم عذاب أليم يقول: وإن الكافرين بالله لهم يوم القيامة عذاب مؤلم موجع.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): ترى يا محمد الكافرين بالله يوم القيامة مشفقين مما كسبوا يقول: وجلين خائفين من عقاب الله على ما كسبوا في الدنيا من أعمالهم الخبيثة. وهو واقع بهم يقول: والذين هم مشفقون منه من عذاب الله نازل بهم، وهم ذائقوه لا محالة.
وقوله: والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات يقول تعالى ذكره:
والذين آمنوا بالله وأطاعوه فيما أمر ونهى في الدنيا في روضات البساتين في الآخرة. ويعني بالروضات: جمع روضة، وهي المكان الذي يكثر نبته، ولا تقول العرب لمواضع الأشجار رياض ومنه قول أبي النجم.
والنغض مثل الأجرب المدجل * حدائق الروض التي لم تحلل