توعدهم، ويكون محلا فيما يستأنف بعد بآخرين دخانا على ما جاءت به الاخبار عن رسول الله (ص) عندنا كذلك، لان الاخبار عن رسول الله (ص) قد تظاهرت بأن ذلك كائن، فإنه قد كان ما روى عنه عبد الله بن مسعود، فكلا الخبرين اللذين رويا عن رسول الله (ص) صحيح.
وإن كان تأويل الآية في هذا الموضع ما قلنا، فإذ كان الذي قلنا في ذلك أولى التأويلين، فبين أن معناه: فانتظر يا محمد لمشركي قومك يوم تأتيهم السماء من البلاء الذي يحل بهم على كفرهم بمثل الدخان المبين لمن تأمله أنه دخان. يغشى الناس: يقول:
يغشى أبصارهم من الجهد الذي يصيبهم هذا عذاب أليم يعني أنهم يقولون مما نالهم من ذلك الكرب والجهد: هذا عذاب أليم. وهو الموجع، وترك من الكلام يقولون استغناء بمعرفة السامعين معناه من ذكرها.
وقوله: ربنا اكشف عنا العذاب يعني أن الكافرين الذين يصيبهم ذلك الجهد يضرعون إلى ربهم بمسألتهم إياه كشف ذلك الجهد عنهم، ويقولون: إنك إن كشفته آمنا بك وعبدناك من دون كل معبود سواك، كما أخبر عنهم جل ثناؤه ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ئ ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون ئ إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون) *.
يقول تعالى ذكره: من أي وجه لهؤلاء المشركين التذكر من بعد نزول البلاء بهم، وقد تولوا عن رسولنا حين جاءهم مدبرين عنه، لا يتذكرون بما يتلى عليهم من كتابنا، ولا يتعظون بما يعظهم به من حججنا، ويقولون: إنما هو مجنون علم هذا الكلام. وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: أنى لهم الذكرى قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24028 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: أنى لهم الذكرى يقول: كيف لهم.
24029 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني