القول في تأويل قوله تعالى: * (ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ئ إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): ثم جعلناك يا محمد من بعد الذي آتينا بني إسرائيل، الذين وصفت لك صفتهم على شريعة من الامر يقول: على طريقة وسنة ومنهاج من أمرنا الذي أمرنا به من قبلك من رسلنا فاتبعها يقول: فاتبع تلك الشريعة التي جعلناها لك ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون يقول: ولا تتبع ما دعاك إليه الجاهلون بالله، الذين لا يعرفون الحق من الباطل، فتعمل به، فتهلك إن عملت به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24126 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها قال: يقول على هدى من الامر وبينة.
24127 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها والشريعة: الفرائض والحدود والامر والنهي فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون.
24128 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ثم جعلناك على شريعة من الامر قال: الشريعة: الدين. وقرأ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذين أوحينا إليك قال: فنوح أو لهم وأنت آخرهم.
وقوله: إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء الجاهلين بربهم، الذين يدعونك يا محمد إلى اتباع أهوائهم، لن يغنوا عنك إن أنت اتبعت أهواءهم، وخالفت شريعة ربك التي شرعها لك من عقاب الله شيئا، فيدفعوه عنك إن هو عاقبك، وينقذوك منه.