ثم بعد الفلاح والملك * والأمة وارتهم هناك القبور وقال: أراد إمامة الملك ونعيمه. وقال بعضهم: (الأمة بالضم، والأمة بالكسر بمعنى واحد).
والصواب من القراءة في ذلك الذي لا أستجيز غيره: الضم في الألف لاجماع الحجة من قراء الأمصار عليه. وأما الذين كسروها فإني لا أراهم قصدوا بكسرها إلا معنى الطريقة والمنهاج، على ما ذكرناه قبل، لا النعمة والملك، لأنه لا وجه لان يقال: إنا وجدنا آباءنا على نعمة ونحن لهم متبعون في ذلك، لان الاتباع إنما يكون في الملل والأديان وما أشبه ذلك لا في الملك والنعمة، لان الاتباع في الملك ليس بالأمر الذي يصل إليه كل من أراده.
وقوله: وإنا على آثارهم مهتدون يقول: وإنا على آثار آبائنا فيما كانوا عليه من دينهم مهتدون، يعني: لهم متبعون على منهاجهم. كما:
23817 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس وإنا على آثارهم مهتدون يقول: وإنا على دينهم.
23818 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وإنا على آثارهم مهتدون يقول: وإنا متبعوهم على ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) *.
يقول تعالى ذكره: وهكذا كما فعل هؤلاء المشركون من قريش فعل من قبلهم من أهل الكفر بالله، وقالوا مثل قولهم، لم نرسل من قبلك يا محمد في قرية، يعني إلى أهلها رسلا تنذرهم عقابنا على كفرهم بنا فأنذروهم وحذروهم سخطنا، وحلول عقوبتنا بهم إلا قال مترفوها، وهم رؤساؤهم وكبراؤهم. كما:
23819 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: إلا قال مترفوها قال: رؤساؤهم وأشرافهم.