فأطاعوا الله، وأخلصوا له العبادة دون ما سواه من الأنداد والآلهة، كلا ما كان الله ليفعل ذلك، لقد ميز بين الفريقين، فجعل حزب الايمان في الجنة، وحزب الكفر في السعير.
كما:
24130 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة أم حسب الذين اجترحوا السيئات... الآية، لعمري لقد تفرق القوم في الدنيا، وتفرقوا عند الموت، فتباينوا في المصير.
وقوله: سواء محياهم ومماتهم اختلفت القراء في قراءة قوله: سواء، فقرأت ذلك عامة قراء المدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة سواء بالرفع، على أن الخبر متناه عندهم عند قوله: كالذين آمنوا وجعلوا خبر قوله: أن نجعلهم قوله: كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثم ابتدأوا الخبر عن استواء حال محيا المؤمن ومماته، ومحيا الكافر ومماته، فرفعوا قوله: سواء على وجه الابتداء بهذا المعنى، وإلى هذا المعنى وجه تأويل ذلك جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24131 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
سواء محياهم ومماتهم قال: المؤمن في الدنيا والآخرة مؤمن، والكافر في الدنيا والآخرة كافر.
24132 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا حسين، عن شيبان، عن ليث، في قوله:
سواء محياهم ومماتهم قال: بعث المؤمن مؤمنا حيا وميتا، والكافر كافرا حيا وميتا.
وقد يحتمل الكلام إذا قرئ سواء رفعا وجها آخر غير هذا المعنى الذي ذكرناه عن مجاهد وليث، وهو أن يوجه إلى: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم والمؤمنين سواء في الحياة والموت، بمعنى: أنهم لا يستوون، ثم يرفع سواء على هذا المعنى، إذ كان لا ينصرف، كما يقال: مررت برجل خير منك أبوه، وحسبك أخوه، فرفع حسبك، وخير إذ كانا في مذهب الأسماء، ولو وقع موقعهما فعل في لفظ اسم لم يكن إلا نصبا، فكذلك