فقال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم، نذر الله لئن سهل عليه أمرها ليذبحن أحد ولده، قال: فخرج السهم على عبد الله، فمنعه أخواله، وقالوا: افد ابنك بمئة من الإبل، ففداه بمئة من الإبل، وإسماعيل الثاني.
22648 حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا ابن جريج، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وفديناه بذبح عظيم قال: الذي فدي به إسماعيل، ويعني تعالى ذكره الكبش الذي فدي به إسحاق، والعرب تقول لكل ما أعد للذبح ذبح، وأما الذبح بفتح الذال فهو الفعل.
قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب في المفدي من ابني إبراهيم خليل الرحمن على ظاهر التنزيل قول من قال: هو إسحاق، لان الله قال: وفديناه بذبح عظيم فذكر أنه فدى الغلام الحليم الذي بشر به إبراهيم حين سأله أن يهب له ولدا صالحا من الصالحين، فقال: رب هب لي من الصالحين فإذ كان المفدي بالذبح من ابنيه هو المبشر به، وكان الله تبارك اسمه قد بين في كتابه أن الذي بشر به هو إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فقال جل ثناؤه: فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب وكان في كل موضع من القرآن ذكر تبشيره إياه بولد، فإنما هو معنى به إسحاق، كان بينا أن تبشيره إياه بقوله:
فبشرناه بغلام حليم في هذا الموضع نحو سائر أخباره في غيره من آيات القرآن.
وبعد: فإن الله أخبر جل ثناؤه في هذه الآية عن خليله أن بشره بالغلام الحليم عن مسألته إياه أن يهب له من الصالحين، ومعلوم أنه لم يسأله ذلك إلا في حال لم يكن له فيه ولد من الصالحين، لأنه لم يكن له من ابنيه إلا إمام الصالحين، وغير موهوم منه أن يكون سأل ربه في هبة ما قد كان أعطاه ووهبه له. فإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أن الذي ذكر تعالى ذكره في هذا الموضع هو الذي ذكر في سائر القرآن أنه بشره به وذلك لا شك أنه إسحاق، إذ كان المفدي هو المبشر به. وأما الذي اعتل به من اعتل في أنه إسماعيل، أن الله قد كان وعد إبراهيم أن يكون له من إسحاق ابن ابن، فلم يكن جائزا أن يأمره بذبحه مع الوعد الذي قد تقدم فإن الله إنما أمره بذبحه بعد أن بلغ معه السعي، وتلك حال غير ممكن أن يكون قد