وقال آخرون: بل معنى ذلك: لولا أن الله يدفع بمن أوجب قبول شهادته في الحقوق تكون لبعض الناس على بعض عمن لا يجوز قبول شهادته وغيره، فأحيى بذلك مال هذا ويوقي بسبب هذا إراقة دم هذا، وتركوا المظالم من أجله، لتظالم الناس فهدمت صوامع.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض يقول: دفع بعضهم بعضا في الشهادة، وفي الحق، وفيما يكون من قبل هذا. يقول: لولاهم لأهلكت هذه الصوامع وما ذكر معها.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه لولا دفاعه الناس بعضهم ببعض، لهدم ما ذكر، من دفعه تعالى ذكره بعضهم ببعض، كفه المشركين بالمسلمين عن ذلك ومنه كفه ببعضهم التظالم، كالسلطان الذي كف به رعيته عن التظالم بينهم ومنه كفه لمن أجاز شهادته بينهم ببعضهم عن الذهاب بحق من له قبله حق، ونحو ذلك. وكل ذلك دفع منه الناس بعضهم عن بعض، لولا ذلك لتظالموا، فهدم القاهرون صوامع المقهورين وبيعهم وما سمى جل ثناؤه. ولم يضع الله تعالى دلالة في عقل على أنه عني من ذلك بعضا دون بعض، ولا جاء بأن ذلك كذلك خبر يجب التسليم له، فذلك على الظاهر والعموم على ما قد بينته قبل لعموم ظاهر ذلك جميع ما ذكرنا.
وقوله: لهدمت صوامع اختلف أهل التأويل في المعني بالصوامع، فقال بعضهم: عني بها صوامع الرهبان. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، عن رفيع في هذه الآية: لهدمت صوامع قال: صوامع الرهبان.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
لهدمت صوامع قال: صوامع الرهبان.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: لهدمت صوامع قال: صوامع الرهبان.