يقول تعالى ذكره: أذن للذين يقاتلون الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق ف الذين الثانية رد على الذين الأولى. وعنى بالمخرجين من دورهم: المؤمنين الذين أخرجهم كفار قريش من مكة. وكان إخراجهم إياهم من دورهم وتعذيبهم بعضهم على الايمان بالله ورسوله، وسبهم بعضهم بألسنتهم ووعيدهم إياهم، حتى اضطروهم إلى الخروج عنهم. وكان فعلهم ذلك بهم بغير حق لأنهم كانوا على باطل والمؤمنون على الحق، فلذلك قال جل ثناؤه: الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق. وقوله: إلا أن يقولوا ربنا الله يقول تعالى ذكره: لم يخرجوا من ديارهم إلا بقولهم: ربنا الله وحده لا شريك له ف أن في موضع خفض ردا على الباء في قوله: بغير حق، وقد يجوز أن تكون في موضع نصب على وجه الاستثناء.
وقوله: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ولولا دفع الله المشركين بالمسلمين. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض دفع المشركين بالمسلمين.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولولا القتال والجهاد في سبيل الله. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض قال: لولا القتال والجهاد.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولولا دفع الله بأصحاب رسول الله (ص) عمن بعدهم من التابعين. ذكر من قال ذلك:
حدثنا إبراهيم بن سعيد، قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم، عن سيف بن عمرو، عن أبي روق، عن ثابت بن عوسجة الحضرمي، قال: ثني سبعة وعشرون من أصحاب علي وعبد الله منهم لاحق ابن الأقمر، والعيزار بن جرول، وعطية القرظي، أن عليا رضي الله عنه قال: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب رسول الله (ص): ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لولا دفاع الله بأصحاب محمد عن التابعين لهدمت صوامع وبيع.