قراء الكوفة: تساقط بالتاء وتخفيف السين، ووجه معنى الكلام، إلى مثل ما وجه إليه مشددوها، غير أنهم خالفوهم في القراءة. وروي عن البراء بن عازب أنه قرأ ذلك:
يساقط بالياء.
17829 - حدثني بذلك أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا يزيد، عن جرير بن حازم، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقرؤه كذلك، وكأنه وجه معنى الكلام إلي: وهزي إليك بجذع النخلة يتساقط الجذع عليك رطبا جنيا.
وروي عن أبي نهيك أنه كان يقرؤه: تسقط بضم التاء وإساقط الألف.
17830 - حدثنا بذلك ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبد المؤمن، قال: سمعت أبا نهيك يقرؤه كذلك، وكأنه وجه معنى الكلام إلي: تسقط النخلة عليك رطبا جنيا.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن هذه القراءات الثلاث، أعني تساقط بالتاء وتشديد السين، وبالتاء وتخفيف السين، وبالياء وتشديد السين، قراءات متقاربات المعاني، قد قرأ بكل واحدة منهن قراء أهل معرفة بالقرآن، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب الصواب فيه، وذلك أن الجذع إذا تساقط رطبا، وهو ثابت غير مقطوع، فقد تساقطت النخلة رطبا، وإذا تساقطت النخلة رطبا، فقد تساقطت النخلة بأجمعها، جذعها وغير جذعها، وذلك أن النخلة ما دامت قائمة على أصلها، فإنما هي جذع وجريد وسعف، فإذا قطعت صارت جذعا، فالجذع الذي أمرت مريم بهزه لم يذكر أحد نعلمه أنه كان جذعا مقطوعا غير السدي، وقد زعم أنه عاد بهزها إياه نخلة، فقد صار معناه ومعنى من قال: كان المتساقط عليها رطبا نخلة واحدا، فتبين بذلك صحة ما قلنا.
وقوله: جنيا يعني مجنيا وإنما كان أصله مفعولا فصرف إلى فعيل والمجني:
المأخوذ طريا، وكل ما أخذ من ثمرة، أو نقل من موضعه بطراوته فقد اجتني، ولذلك قيل:
فلان يجتني الكمأة ومنه قول ابن أخت جذيمة:
هذا جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه