روحنا بغلام فحملته فانتبذت به مكانا قصيا وبذلك جاء تأويل أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17775 - حدثني محمد بن سهل، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: ثني عبد الصمد بن معقل ابن أخي وهب بن منبه، قال: سمعت وهبا قال: لما أرسل الله جبريل إلى مريم تمثل لها بشرا سويا فقالت له: إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ثم نفخ في جيب درعها حتى وصلت النفخة إلى الرحم فاشتملت.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه اليماني، قال: لما قال ذلك، يعني لما قال جبريل قال كذلك قال ربك هو علي هين... الآية استسلمت لأمر الله، فنفخ في جيبها ثم انصرف عنها.
17776 - حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال:
طرحت عليها جلبابها لما قال جبريل ذلك لها، فأخذ جبريل بكميها، فنفخ في جيب درعها، وكان مشقوقا من قدامها، فدخلت النفخة صدرها، فحملت، فأتتها أختها امرأة زكريا ليلة تزورها فلما فتحت لها الباب التزمتها، فقالت امرأة زكريا: يا مريم أشعرت أني حبلى، قالت مريم: أشعرت أيضا أني حبلى، قالت امرأة زكريا: إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك، فذلك قوله مصدقا بكلمة من الله.
17777 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج: يقولون: إنه إنما نفخ في جيب درعها وكمها.
وقوله: فانتبذت به مكانا قصيا يقول: فاعتزلت بالذي حملته، وهو عيسى، وتنحت به عن الناس مكانا قصيا يقول: مكانا نائيا قاصيا عن الناس، يقال: هو بمكان قاص، وقصي بمعنى واحد، كما قال الراجز:
لتقعدن مقعد القصي * مني ذي القاذورة المقلي