اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة القراء الذين قرأوا: وأنا بتشديد النون، وأنا بفتح الألف من أنا ردا على: نودي يا موسى، كأنه معنى الكلام عندهم: نودي يا موسى إني أنا ربك، وأنا اخترناك، وبهذه القراءة قرأ ذلك عامة قراء الكوفة. وأما عامة قراء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة فقرأوه: وأنا اخترتك بتخفيف النون على وجه الخبر من الله عن نفسه أنه اختاره.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما قراء أهل العلم بالقرآن، مع اتفاق معنييهما. فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب فيه. وتأويل الكلام: نودي أنا اخترناك. فاجتبيناك لرسالتنا إلى من نرسلك إليه فاستمع إلى ما يوحى يقول: فاستمع لوحينا الذي نوحيه إليك وعه، واعمل به إنني أنا الله يقول تعالى ذكره: إنني أنا المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له، لا إله إلا أنا فلا تعبد غيري، فإنه لا معبود تجوز أو تصلح له العبادة سواي فاعبدني يقول: فأخلص العبادة لي دون كل ما عبد من دوني وأقم الصلاة لذكري.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: معنى ذلك: أقم الصلاة لي فإنك إذا أقمتها ذكرتني. ذكر من قال ذلك:
18131 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: أقم الصلاة لذكري قال: إذا صلى ذكر ربه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله وأقم الصلاة لذكري قال: إذا ذكر عبد ربه.
قال آخرون: بل معنى ذلك: وأقم الصلاة حين تذكرها. ذكر من قال ذلك:
18132 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله: وأقم الصلاة لذكري قال: يصليها حين يذكرها.
18133 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثني عمي عبد الله بن وهب، قال: ثني ويونس ومالك بن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي