وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في ذلك، لان الله جل ثناؤه قال: وآخرون اعترفوا بذنوبهم فأخبر عن اعتراف جماعة بذنوبهم، ولم يكن المعترف بذنبه الموثق نفسه بالسارية في حصار قريظة غير أبي لبابة وحده. فإذا كان ذلك، وكان الله تبارك وتعالى قد وصف في قوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم بالاعتراف بذنوبهم جماعة، علم أن الجماعة الذين وصفهم بذلك السبب غير الواحد، فقد تبين بذلك أن هذه الصفة إذا لم تكن إلا لجماعة، وكان لا جماعة فعلت ذلك فيما نقله أهل السير والاخبار وأجمع عليه أهل التأويل إلا جماعة من المتخلفين عن غزوة تبوك صح ما قلنا في ذلك، وقلنا: كان منهم أبو لبابة لاجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): يا محمد خذ من أموال هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم فتابوا منها صدقة تطهرهم من دنس ذنوبهم وتزكيهم بها يقول: وتنميهم وترفعهم عن خسيس منازل أهل النفاق بها، إلى منازل أهل الاخلاص. وصل عليهم يقول: وادع لهم بالمغفرة لذنوبهم، واستغفر لهم منها. إن صلاتك سكن لهم يقول: إن دعاءك واستغفارك طمأنينة لهم بأن الله قد عفا عنهم وقبل توبتهم. والله سميع عليم يقول: والله سميع لدعائك إذا دعوت لهم ولغير ذلك من كلام خلقه، عليم بما تطلب بهم بدعائك ربك لهم وبغير ذلك من أمور عباده.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قال: جاءوا بأموالهم يعني أبا لبابة وأصحابه حين أطلقوا فقالوا: يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا قال: ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا. فأنزل الله: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها يعني بالزكاة: طاعة الله والاخلاص.
وصل عليهم يقول: استغفر لهم.