عجبوا أن أوحيت إليك إن كنتم في شك أيها الناس من ديني الذي أدعوكم إليه فلم تعلموا أنه حق من عند الله: فإني لا أعبد الذين تعبدون من دون الله من الآلهة والأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولا تغني عني شيئا، فتشكوا في صحته. وهذا تعريض ولحن من الكلام لطيف. وإنما معنى الكلام: إن كنتم في شك من ديني، لا ينبغي لكم أن تشكوا فيه، وإنما ينبغي لكم أن تشكوا في الذي أنتم عليه من عبادة الأصنام التي لا تعقل شيئا ولا تضر ولا تنفع، فأما ديني فلا ينبغي لكم أن تشكوا فيه، لأني أ عبد الله الذي يقبض الخلق فيميتهم إذ شاء وينفعهم ويضر من يشاء وذلك أن عبادة من كان كذلك لا يستنكرها ذو فطرة صحيحة، وأما عبادة الأوثان فينكرها كل ذي لب وعقل صحيح.
وقوله: ولكن أ عبد الله الذي يتوفاكم يقول: ولكن أ عبد الله الذي يقبض أرواحكم فيميتكم عند آجالكم. وأمرت أن أكون من المؤمنين يقول: وهو الذي أمرني أن أكون من المصدقين بما جاءني من عنده. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين) *.
يقول تعالى ذكره: وأمرت أن أكون من المؤمنين، وأن أقم. وأن الثانية عطف على أن الأولى. ويعني بقوله: أقم وجهك للدين أقم نفسك على دين الاسلام حنيفا مستقيما عليه، غير معوج عنه إلى يهودية ولا نصرانية ولا عبادة وثن. ولا تكونن من المشركين يقول: ولا تكونن ممن يشرك في عبادة ربه الآلهة والأنداد فتكون من الهالكين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) *.
يقول تعالى ذكره: ولا تدع يا محمد من دون معبودك وخالقك شيئا لا ينفعك في الدنيا ولا في الآخرة ولا يضرك في دين ولا دنيا، يعني بذلك الآلهة والأصنام، يقول: لا تعبدها راجيا نفعها أو خائفا ضرها، فإنها لا تنفع ولا تضر، فإن فعلت ذلك فدعوتها من