* (إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير) *.
يقول تعالى ذكره إن الله أيها الناس له سلطان السماوات والأرض وملكهما، وكل من دونه من الملوك فعبيده ومماليكه، بيده حياتهم وموتهم، يحيي من يشاء منهم ويميت من يشاء منهم، فلا تجزعوا أيها المؤمنون من قتال من كفر بي من الملوك، ملوك الروم كانوا أو ملوك فارس والحبشة أو غيرهم، واغزوهم وجاهدوهم في طاعتي، فأني المعز من أشاء منهم ومنكم والمذل من أشاء. وهذا حض من الله جل ثناؤه المؤمنين على قتال كل من كفر به من المماليك، وإغراء منه لهم بحربهم.
وقوله: وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير يقول: وما لكم من أحد هو لكم حليف من دون الله يظاهركم عليه إن أنتم خالفتم أمر الله فعاقبكم على خلافكم أمره يستنقذكم من عقابه، ولا نصير ينصركم منه إن أراد بكم سوءا. يقول: فبالله فثقوا، وإياه فارهبوا، وجاهدوا في سبيله من كفر به، فإنه قد اشترى منكم أنفسكم وأموالكم بأن لكم الجنة، تقاتلون في سبيله فتقتلون وتقتلون. القول في تأويل قوله تعالى:
(لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم) *.
يقول تعالى ذكره: لقد رزق الله الإنابة إلى أمره وطاعته نبيه محمدا (ص)، والمهاجرين ديارهم وعشيرتهم إلى دار الاسلام، وأنصار رسوله في الله، الذين اتبعوا رسول الله في ساعة العسرة منهم من النفقة والظهر والزاد والماء من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم يقول: من بعد ما كاد يميل قلوب بعضهم عن الحق ويشك في دينه ويرتاب بالذي ناله من المشقة والشدة في سفره وغزوه. ثم تاب عليهم يقول: ثم رزقهم جل ثناؤه الإنابة والرجوع إلى الثبات على دينه وإبصار الحق الذي كان قد كاد يلتبس عليهم. إنه بهم رؤوف رحيم يقول: إن ربكم بالذين خالط قلوبهم ذلك لما نالهم في سفرهم من الشدة والمشقة، رؤوف بهم، رحيم أن يهلكهم، فينزع منهم الايمان بعد ما قد أبلوا في الله ما أبلو مع رسوله وصبروا عليه من البأساء والضراء.