أحق ما تقول وما تعدنا به من عذاب الله في الدار الآخرة جزاء على ما كنا نكسب من معاصي الله في الدنيا؟ قل لهم يا محمد إي وربي إنه لحق لا شك فيه، وما أنتم بمعجزي الله إذا أراد ذلك بكم بهرب أو امتناع، بل أنتم في قبضته وسلطانه وملكه، إذ أراد فعل ذلك بكم، فاتقوا الله في أنفسكم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم يظلمون) *.
يقول تعالى ذكره: ولو أن لكل نفس كفرت بالله. وظلمها في هذا الموضع: عبادتها غير من يستحق عبادة وتركها طاعة من يجب عليها طاعته. ما في الأرض من قليل أو كثير، لافتدت به يقول: لافتدت بذلك كله من عذاب الله إذا عاينته. وقوله: وأسروا الندامة لما رأوا العذاب يقول: وأخفت رؤساء هؤلاء المشركين من وضعائهم وسفلتهم الندامة حين أبصروا عذاب الله قد أحاط بهم، وأيقنوا أنه واقع بهم. وقضي بينهم بالقسط يقول: وقضى الله يومئذ بين الاتباع والرؤساء منهم بالعدل. وهم لا يظلمون وذلك أنه لا يعاقب أحدا منهم إلا بجريرته ولا يأخذه بذنب أحد ولا يعذب إلا من قد أعذر إليه في الدنيا وأنذر وتابع عليه الحجج. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون) *.
يقول جل ذكره: ألا إن كل ما في السماوات وكل ما في الأرض من شئ لله ملك، لا شئ فيه لاحد سواه. يقول: فليس لهذا الكافر بالله يومئذ شئ يملكه فيفتدى به من عذاب ربه، وإنما الأشياء كلها للذي إليه عقابه، ولو كانت له الأشياء التي هي في الأرض ثم افتدى بما لم يقبل منه بدلا من عذابه فيصرف بها عنه العذاب، فكيف وهو لا شئ له يفتدى به منه وقد حق عليه عذاب الله. يقول الله جل ثناؤه: ألا إن وعد الله حق يعني أن عذابه الذي أوعد هؤلاء المشركين على كفرهم حق، فلا عليهم أن لا يستعجلوا به فإنه بهم واقع لا شك. ولكن أكثرهم لا يعلمون يقول: ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون حقيقة وقوع ذلك بهم، فهم من أجل جهلهم به مكذبون. القول في تأويل قوله تعالى: