فتأويل الكلام إذا: أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم، أن أنذر الناس، وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم، فلما أتاهم بوحي الله وتلاه عليهم، قال المنكرون توحيد الله ورسالة رسوله: إن هذا الذي جاءنا به محمد لسحر مبين أي يبين لكم عنه أنه مبطل فيما يدعيه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الامر مامن شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون) *.
يقول تعالى ذكره: إن ربكم الذي له عبادة كل شئ، ولا تنبغي العبادة إلا له، هو الذي خلق السماوات السبع والأرضين السبع في ستة أيام، وانفرد بخلقها بغير شريك ولا ظهير، ثم استوى على عرشه مدبرا للأمور وقاضيا في خلقه ما أحب، لا يضاده في قضائه أحد ولا يتعقب تدبيره متعقب ولا يدخل أموره خلل. ما من شفيع إلا من بعد إذنه يقول: لا يشفع عنده شافع يوم القيامة في أحد إلا من بعد أن يأذن في الشفاعة. ذلكم الله ربكم يقول جل جلاله: هذا الذي هذه صفته سيدكم ومولاكم لا من لا يسمع، ولا يبصر، ولا يدبر، ولا يقضي من الآلهة والأوثان. فاعبدوه يقول: فاعبدوا ربكم الذي هذه صفته، وأخلصوا له العبادة، وأفردوا له الألوهة والربوبية بالذلة منكم له دون أوثانكم وسائر ما تشركون معه في العبادة. أفلا تذكرون يقول: أفلا تتعظون وتعتبرون بهذه الآيات والحجج، فتنيبون إلى الاذعان بتوحيد ربكم وإفراده بالعبادة، وتجمعون الأنداد وتبرأون منها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: يدبر الامر قال: يقضيه وحده.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الأعلى، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد: يدبر الامر مامن شفيع إلا من بعد إذنه قال: يقضيه وحده.