حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، في قوله: مخلصين له الدين هياشراهيا، تفسيره: يا حي يا قوم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم... إلى آخر الآية، قال: هؤلاء المشركون يدعون مع الله ما يدعون، فإذا كان الضر لم يدعو إلا الله، فإذا نجاهم إذا هم يشركون لئن أنجيتنا من هذه الشدة التي نحن فيها لنكونن من الشاكرين لك على نعمك وتخليصك إيانا مما نحن فيه بإخلاصنا العبادة لك وإفراد الطاعة دون الآلهة والأنداد.
واختلفت القراء في قراءة قوله: هو الذي يسيركم فقرأته عامة قراء الحجاز والعراق: هو الذي يسيركم من السير بالسين. وقرأ ذلك أبو جعفر القاري: هو الذي ينشركم من النشر، وذلك البسط من قول القائل: نشرت الثوب، وذلك بسطه ونشره من طيه. فوجه أبو جعفر معنى ذلك إلى أن الله يبعث عباده، فيبسطهم برا وبحرا، وهو قريب المعنى من التسيير. وقال: وجرين بهم بريح طيبة وقال في موضع آخر: في الفلك المشحون فوحد، والفلك: اسم للواحدة والجماع ويذكر ويؤنث. قال: وجرين بهم وقد قال: هو الذي يسيركم فخاطب ثم عاد إلى الخبر عن الغائب وقد بينت ذلك في غير موضع من الكتاب بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وجواب قوله: حتى إذا كنتم في الفلك: جاءتها ريح عاصف. وأما جواب قوله: وظنوا أنهم أحيط بهم فدعوا الله مخلصين له الدين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون) *.
يقول تعالى ذكره: فلما أنجى الله هؤلاء الذين ظنوا في البحر أنهم أحيط بهم من الجهد الذي كانوا فيه، أخلفوا الله ما وعدوه، وبغوا في الأرض، فتجاوزوا فيها إلى غير ما أذن الله لهم فيه من الكفر به والعمل بمعاصيه على ظهرها. يقول الله: يا أيها الناس إنما اعتداؤكم الذي تعتدونه على أنفسكم وإياها تظلمون، وهذا الذي أنتم فيه متاع الحياة