* (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون) *.
يقول تعالى ذكره: وما يتبع أكثر هؤلاء المشركين إلا ظنا، يقول: إلا ما لا علم لهم بحقيقته وصحته، بل هم منه في شك وريبة. إن الظن لا يغني من الحق شيئا يقول: إن الشك لا يغني من اليقين شيئا، ولا يقوم في شئ مقامه، ولا ينتفع به حيث يحتاج إلى اليقين. إن الله عليم بما يفعلون يقول تعالى ذكره: إن الله ذو علم بما يفعل هؤلاء المشركون من اتباعهم الظن وتكذيبهم الحق اليقين، وهو لهم بالمرصاد، حيث لا يغني عنهم ظنهم من الله شيئا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين) *.
يقول تعالى ذكره: ما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى من دون الله، يقول: ما ينبغي له أن يتخرصه أحد من عند غير الله، وذلك نظير قوله: وما كان لنبي أن يغل بمعنى: ما ينبغي لنبي أن يغله أصحابه. وإنما هذا خبر من الله جل ثناؤه أن هذا القرآن من عنده أنزله إلى محمد عبده، وتكذيب منه للمشركين الذين قالوا: هو شعر وكهانة، والذين قالوا: إنما يتعلمه محمد من يعيش الرومي. يقول لهم جل ثناؤه: ما كان هذا القرآن ليختلقه أحد من عند غير الله، لان ذلك لا يقدر عليه أحد من الخلق. ولكن تصديق الذي بين يديه يقول تعالى ذكره: ولكنه من عند الله أنزله مصدقا لما بين يديه أي لما قبله من الكتب التي أنزلت على أنبياء الله كالتوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله التي أنزلها على أنبيائه. وتفصيل الكتاب يقول: وتبيان الكتاب الذي كتبه الله على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وفرائضه التي فرضها عليهم في السابق من علمه. لا ريب فيه يقول: لا شك فيه أنه تصديق الذي بين يديه من الكتاب وتفصيل الكتاب من عند رب العالمين، لا افتراء من عند غيره ولا اختلاق. القول في تأويل قوله تعالى: