نحو الذي كان من عاقبة قوم نوح حين كذبوه، يقول جل ثناؤه: فليحذروا أن يحل بهم مثل الذي حل بهم إن لم يتوبوا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين) *.
يقول تعالى ذكره: ثم بعثنا من بعد نوح رسلا إلى قومهم، فأتوهم ببينات من الحجج والأدلة على صدقهم، وأنهم لله رسل، وأن ما يدعونهم إليه حق. فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل يقول: فما كانوا ليصدقوا بما جاءتهم به رسلهم بما كذب به قوم نوح ومن قبلهم من الأمم الخالية من قبلهم. كذلك نطبع على قلوب المعتدين يقول تعالى ذكره: كما طبعنا على قلوب أولئك فختمنا عليها فلم يكونوا يقبلون من أنبياء الله نصيحتهم ولا يستجيبون لدعائهم إياهم إلى ربهم بما اجترموا من الذنوب واكتسبوا من الآثام، كذلك نطبع على قلوب من اعتدى على ربه، فتجاوز ما أمره به من توحيده، وخالف ما دعاهم إليه رسلهم من طاعته، عقوبة لهم على معصيتهم ربهم من هؤلاء الآخرين من بعدهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملئه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) *.
يقول تعالى ذكره: ثم بعثنا من بعد هؤلاء الرسل الذين أرسلناهم من بعد نوح إلى قومهم موسى وهارون ابني عمران إلى فرعون مصر وملئه، يعني: وأشراف قومه وسادتهم، بآياتنا يقول: بأدلتنا على حقيقة ما دعوهم إليه من الاذعان لله بالعبودية، والاقرار لهما بالرسالة. فاستكبروا، يقول: فاستكبروا عن الاقرار بما دعاهم إليه موسى وهارون. وكانوا قوما مجرمين، يعني: آثمين بربهم بكفرهم بالله تعالى. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين ئ قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون) *.
يقول تعالى ذكره: فلما جاءهم الحق من عندنا يعني: فلما جاءهم بيان ما دعاهم