وقد اختلف أهل التأويل في المعني بهذه الآية والسبب الذي من أجله أنزلت فيه، فقال بعضهم: نزلت في عشرة أنفس كانوا تخلفوا عن رسول الله (ص) في غزوة تبوك، منهم أبو لبابة، فربط سبعة منهم أنفسهم إلى السواري عند مقدم النبي (ص) توبة منهم من ذنبهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا قال: كانوا عشرة رهط تخلفوا عن النبي (ص) في غزوة تبوك، فلما حضر رجوع النبي (ص) أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد، وكان ممر النبي (ص) إذا رجع في المسجد عليهم، فلما رآهم قال: من هؤلاء الموثقون أنفسهم بالسواري؟ قالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله حتى تطلقهم وتعذرهم. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين فلما بلغهم ذلك، قالوا: ونحن بالله لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله الذي يطلقنا فأنزل الله تبارك وتعالى: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم وعسى من الله واجب. فلما نزلت. أرسل إليهم النبي (ص)، فأطلقهم وعذرهم.
وقال آخرون: بل كانوا ستة، أحدهم أبو لبابة، ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله... إلى قوله: إن الله غفور رحيم وذلك أن رسول الله (ص) غزا غزوة تبوك، فتخلف أبو لبابة وخمسة معه عن النبي (ص). ثم إن أبا لبابة ورجلين معه تفكروا وندموا وأيقنوا بالهلكة، وقالوا: نكون في الكن والطمأنينة مع النساء، ورسول الله والمؤمنون معه في الجهاد؟ والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون رسول الله (ص) هو يطلقنا ويعذرنا فانطلق أبو لبابة وأوثق نفسه ورجلان معه بسواري المسجد، وبقي ثلاثة نفر لم