صحيح، واستعينوا من شايعكم علي بآلهتكم التي تدعون من دون الله، ولا تؤخروا ذلك فإني قد توكلت على الله وأنا به واثق أنكم لا تضروني إلا أن يشاء ربي. وهذا وإن كان خبرا من الله تعالى عن نوح، فإنه حث من الله لنبيه محمد (ص) على التأسي به وتعريف منه سبيل الرشاد فيما قلده من الرسالة والبلاغ عنه. القول في تأويل قول تعالى:
* (فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نبيه نوح عليه السلام لقومه: فإن توليتم أيها القوم عني بعد دعائي إياكم وتبليغ رسالة ربي إليكم مدبرين، فأعرضتم عما دعوتكم إليه من الحق والاقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له وترك إشراك الآلهة في عبادته، فتضييع منكم وتفريط في واجب حق الله عليكم، لا بسبب من قبلي فإني لم أسألكم على ما دعوتكم إليه أجرا ولا عوضا أعتاضه منكم بإجابتكم إياي إلى ما دعوتكم إليه من الحق والهدى، ولا طلبت منكم عليه ثوابا ولا جزاء. إن أجري إلا على الله يقول جل ثناؤه: إن جزائي وأجر عملي وثوابه إلا على ربي لا عليكم أيها القوم ولا على غيركم. وأمرت أن أكون من المسلمين وأمرني ربي أن أكون من المذعنين له بالطاعة المنقادين لامره ونهيه المتذللين له، ومن أجل ذلك أدعوكم إليه وبأمره آمركم بترك عبادة الأوثان. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين) *.
يقول تعالى ذكره: فكذب نوحا قومه فيما أخبرهم به عن الله من الرسالة والوحي، فنجيناه ومن معه ممن حمل معه في الفلك، يعني في السفينة، وجعلناهم خلائف يقول: وجعلنا الذين نجينا مع نوح في السفينة خلائف في الأرض من قومه الذين كذبوه بعد أن أغرقنا الذين كذبوا بآياتنا، يعني حججنا وأدلتنا على توحيدنا، ورسالة رسولنا نوح.
يقول الله لنبيه محمد (ص): فانظر يا محمد كيف كان عاقبة المنذرين، وهم الذين أنذرهم نوح عقاب الله على تكذيبهم إياه وعبادتهم الأصنام، يقول له جل ثناؤه: انظر ماذا أعقبهم تكذيبهم رسولهم، فإن عاقبة من كذبك من قومك أن تمادوا في كفرهم وطغيانهم على ربهم