دعواتك. وقرأة قراء العراق وبعض المكيين: إن صلاتك سكن لهم بمعنى إن دعاءك.
وكأن الذين قرأوا ذلك على التوحيد رأوا أن قراءته بالتوحيد أصح لان في التوحيد من معنى الجمع وكثرة العدد ما ليس في قوله: إن صلواتك سكن لهم إذ كانت الصلوات هي جمع لما بين الثلاث إلى العشر من العدد دون ما هو أكثر من ذلك، والذي قالوا من ذلك عندنا كما قالوا. وبالتوحيد عندنا القراءة لا لعلة أن ذلك في العدد أكثر من الصلوات، ولكن المقصود منه الخبر عن دعاء النبي (ص) وصلاته أنه سكن لهؤلاء القوم لا الخبر عن العدد، وإذا كان ذلك كذلك كان التوحيد في الصلاة أولى. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم) *.
وهذا خبر من الله تعالى ذكره أخبر المؤمنين به أن قبول توبة من تاب من المنافقين وأخذ الصدقة من أموالهم إذا أعطوها ليسا إلى نبي الله (ص)، وأن نبي الله حين أبى أن يطلق من ربط نفسه بالسواري من المتخلفين عن الغزو معه وحين ترك قبول صدقتهم بعد أن أطلق الله عنهم حين أذن له في ذلك إنما فعل ذلك من أجل أن ذلك لم يكن إليه (ص)، وأن ذلك إلى الله تعالى ذكره دون محمد، وأن محمدا إنما يفعل ما يفعل من ترك وإطلاق وأخذ صدقة وغير ذلك من أفعاله بأمر الله. فقال جل ثناؤه: ألم يعلم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد مع المؤمنين الموثقو أنفسهم بالسواري، القائلون لا نطلق أنفسنا حتى يكون رسول الله (ص) هو الذي يطلقنا، السائلو رسول الله (ص) أخذ الصدقة أموالهم أن ذلك ليس إلى محمد، وأن ذلك إلى الله، وأن الله هو الذي يقبل من تاب عباده أو يردها، ويأخذ صدقة من تصدق منهم، أو يردها عليه دون محمد، فيوجهوا توبتهم وصدقتهم إلى الله، ويقصدوا بذلك قصد وجهه دون محمد وغيره، ويخلصوا التوبة له ويريدوه بصدقتهم، ويعلموا أن الله هو التواب الرحيم؟ يقول: المرجع بعبيده إلى العفو عنه إذا رجعوا إلى طاعته، الرحيم بهم إذا هم أنابوا إلى رضاه من عقابه.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قال الآخرون، يعني الذين لم يتوبوا من المتخلفين: هؤلاء يعني الذين تابوا كانوا بالأمس معنا