شاء، ثم يعيده إذا أراد كهيئته قبل الفناء. فأني تؤفكون يقول: فأي وجه عن قصد السبيل وطريق الرشد تصرفون وتقلبون. كما:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: فأنى تؤفكون قال: أنى تصرفون.
وقد بينا اختلاف المختلفين في تأويل قوله: أنى تؤفكون والصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده في سورة الأنعام. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أيتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء المشركين هل من شركائكم الذين تدعون من دون الله، وذلك آلهتهم وأوثانهم، من يهدي إلى الحق يقول: من يرشد ضالا من ضلالته إلى قصد السبيل، ويسدد جائزا عن الهدى إلى واضح الطريق المستقيم فإنهم لا يقدرون أيدعوا أن آلهتهم وأوثانهم ترشد ضالا أو تهدي حائرا. وذلك أنهم إن ادعوا ذلك لها أكذبتهم المشاهدة وأبان عجزها عن ذلك الاختبار بالمعاينة، فإذا قالوا لا وأقروا بذلك، فقل لهم. فالله يهدي الضال عن الهدى إلى الحق.
أفمن يهدي أيها القوم ضالا إلى الحق وجائرا عن الرشد إلى الرشد، أحق أن يتبع إلى ما يدعو إليه أم من لا يهدي إلا أن يهدى؟
واختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة: أم من لا يهدي بتسكين الهاء وتشديد الدال، فجمعوا بين ساكنين. وكأن الذي دعاهم إلى ذلك أنهم وجهوا أصل الكلمة إلى أنه: أم من لا يهتدي، ووجدوه في خط المصحف بغير ما قرروا وأن التاء حذفت لما أدغمت في الدال، فأقروا الهاء ساكنة على أصلها الذي كانت عليه، وشددوا الدال طلبا لادغام التاء فيها، فاجتمع بذلك سكون الهاء والدال. وكذلك فعلوا في قوله:
وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وفي قوله: يخصمون. وقرأ ذلك بعض قراء أهل مكة والشام والبصرة: يهدي بفتح الهاء وتشديد الدال. وأموا ما أمه المدنيون من الكلمة،