عنه ما كان قد نزل به من البلاء حين استعاذ به، وعاد للشرك ودعوى الآلهة والأوثان أربابا معه. يقول تعالى ذكره: كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون يقول: كما زين لهذا الانسان الذي وصفنا صفته استمراره على كفره بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضر، كذلك زين للذين أسرفوا في الكذب على الله وعلى أنبيائه، فتجاوزوا في القول فيهم إلى غير ما أذن الله لهم به، ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: دعانا لجنبه قال: مضطجعا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين) *.
يقول تعالى ذكره: ولقد أهلكنا الأمم التي كذبت رسل الله من قبلكم أيها المشركون بربهم لما ظلموا يقول: لما أشركوا وخالفوا أمر الله ونهيه. وجاءتهم رسلهم من عند الله، بالبينات وهي الآيات والحجج التي تبين عن صدق من جاء بها. ومعنى الكلام: وجاءتهم رسلهم بالآيات البينات أنها حق. وما كانوا ليؤمنوا يقول: فلم تكن هذه الأمم التي أهلكناها ليؤمنوا برسلهم ويصدقوهم إلى ما دعوهم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له. كذلك نجزي القوم المجرمين يقول تعالى ذكره: كما أهلكنا هذه القرون من قبلكم أيها المشركون بظلمهم أنفسهم وتكذيبهم رسلهم وردهم نصيحتهم، كذلك أفعل بكم فأهلككم كما أهلكتهم بتكذيبكم رسولكم محمدا (ص)، وظلمكم أنفسكم بشرككم بربكم، إن أنتم لم تنيبوا وتتوبوا إلى الله من شرككم، فإن من ثواب الكافر بي على كفره عندي أن أهلكه بسخطي في الدنيا وأورده النار في الآخرة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) *.
يقول تعالى ذكره: ثم جعلناكم أيها الناس خلائف من بعد هؤلاء القرون الذين أهلكناهم لما ظلموا تخلفونهم في الأرض وتكونون فيها بعدهم. لننظر كيف تعملون يقول: لينظر ربكم أين عملكم من عمل من هلك من قبلكم من الأمم بذنوبهم