لان ذلك كذلك في مصاحف المسلمين جميعا، على أن التابعين بإحسان غير المهاجرين والأنصار. وأما السابقون فإنهم مرفوعون بالعائد من ذكرهم في قوله: رضي الله عنهم ورضوا عنه ومعنى الكلام: رضي الله عن جميعهم لما أطاعوه وأجابوا نبيه إلى ما دعاهم إليه من أمره ونهيه، ورضي عنه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم إياه وإيمانهم به وبنبيه عليه الصلاة والسلام، وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار يدخلونها خالدين فيها لابثين فيها أبدا لا يموتون فيها ولا يخرجون منها، ذلك الفوز العظيم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وممن حولكم من الاعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم) *.
يقول تعالى ذكره: ومن القوم الذين حول مدينتكم من الاعراب منافقون، ومن أهل مدينتكم أيضا أمثالهم أقوام منافقون. وقوله: مردوا على النفاق يقول: مرنوا عليه ودربوا به، ومنه شيطان مارد ومريد: وهو الخبيث العاتي، ومنه قيل: تمرد فلان على ربه:
أي عتا ومرد على معصيته واعتادها.
وقال ابن زيد في ذلك، ما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
ومن أهل المدينة مردوا على النفاق قال: أقاموا عليه لم يتوبوا كما تاب الآخرون.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ومن أهل المدينة مردوا على النفاق أي لجوا فيه وأبو غيره. لا تعلمهم يقول لنبيه محمد (ص): لا تعلم يا محمد أنت هؤلاء المنافقين الذين وصفت لك صفتهم ممن حولكم من الاعراب ومن أهل المدينة، ولكنا نحن نعلمهم. كما:
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: وممن حولكم من الاعراب منافقون... إلى قوله: نحن نعلمهم قال: فما بال أقوام يتكلفوا علم الناس فلان في الجنة وفلان في النار، فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال لا أدري لعمري أنت بنفسك أعلم منك بأعمال الناس، ولقد تكلفت شيئا ما تكلفته