* (وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم) *.
يقول تعالى ذكره: ومن هؤلاء المتخلفين عنكم شخصتم لعدوكم أيها المؤمنون آخرون. ورفع قوله آخرون عطف على قوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. وآخرون مرجون يعني مرجئون لأمر الله وقضائه، يقال منه أرجأته أرجئه إرجاء وهو مرجأ بالهمز وترك الهمز، وهما لغتان معناهما واحد، وقد قرأت القراء بهما جميعا. وقيل: عنى بهؤلاء الآخرين نفر ممن كان تخلف عن رسول الله (ص) في غزوة تبوك، فندموا على ما فعلوا ولم يتعذروا إلى رسول الله (ص) عند مقدمه، ولم يوثقوا أنفسهم بالسواري، فأرجأ الله أمرهم إلى أن صحت توبتهم، فتاب عليهم وعفا عنهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قال: وكان ثلاثة منهم يعني من المتخلفين عن غزوة تبوك لم يوثقوا أنفسهم بالسواري أرجئوا سبتة لا يدرون أيعذبون أو يتاب عليهم. فأنزل الله: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين... إلى قوله: إن الله هو التواب الرحيم.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية يعني قوله: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكهم بها أخذ رسول الله (ص) من أموالهم يعني من أموال أبي لبابة وصاحبيه فتصدق بها عنهم، وبقي الثلاثة الذين خالفوا أبا لبابة، ولم يوثقوا، ولم يذكروا بشئ، ولم ينزل عذرهم، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت. وهم الذين قال الله:
وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم فجعل الناس يقولون: هلكوا إذا لم ينزل لهم عذر وجعل آخرون يقولون: عسى الله أن يغفر لهم فصاروا مرجئين لأمر الله، حتى نزلت: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة الذين خرجوا معه إلى الشام من بعد ما كاد يزيغ قلوب