حيث أحله ما قدم في الدنيا من علمه، فهو في كلتا الحالتين متبع ما أسلف من عمله مختبر له، فبأيتهما قرأ القارئ كما وصفنا فمصيب الصواب في ذلك.
أما قوله: وردوا إلى الله مولاهم الحق فإنه يقول: ورجع هؤلاء المشركون يومئذ إلى الله الذي هو ربهم ومالكهم الحق لا شك فيه دون ما كانوا يزعمون أنهم لهم أرباب من الآلهة والأنداد. وضل عنهم ما كانوا يفترون يقول: وبطل عنهم ما كانوا يتخرصون من الفرية والكذب على الله بدعواهم أوثانهم أنها لله شركاء، وأنها تقربهم منه زلفى. كما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون قال: ما كانوا يدعون معه من الأنداد والآلهة، ما كانوا يفترون الآلهة، وذلك أنهم جعلوها أندادا وآلهة مع الله افتراء وكذبا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله الأوثان والأصنام من يرزقكم من السماء الغيث والقطر ويطلع لكم شمسها ويغطش ليلها ويخرج ضحاها. ومن الأرض أقواتكم وغذاءكم الذي ينبته لكم وثمار أشجارها.
أم من يملك السمع والابصار يقول: أم من ذا الذي يملك أسماعكم وأبصاركم التي تسمعون بها أن يزيد في قواها أو يسلبكموها فيجعلكم صما، وأبصاركم التي تبصرون بها أن يضيئها لكم وينيرها، أو يذهب بنورها فيجعلكم عميا لا تبصرون. ومن يخرج الحي من الميت يقول: ومن يخرج الشئ الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي يقول: ويخرج الشئ الميت من الحي.
وقد ذكرنا اختلاف المختلفين من أهل التأويل والصواب من القول عندنا في ذلك بالأدلة الدالة على صحته في سورة آل عمران بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
ومن يدبر الامر وقل لهم: من يدبر أمر السماء والأرض وما فيهن وأمركم وأمر الخلق. فسيقولون الله يقول جل ثناؤه: فسوف يجيبونك بأن يقولوا الذي يفعل ذلك