حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم... الآية، قال: أمره بهذا ثم نسخه وأمره بجهادهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): ومن هؤلاء المشركين من يستمعون إلى قولك.
أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون يقول: أفأنت تخلق لهم السمع ولو كانوا لا سمع لهم يعقلون به، أم أنا؟ وإنما هذا إعلام من الله عباده أن التوفيق للايمان به بيده لا إلى أحد سواه، يقول لنبيه محمد (ص): كما أنك لا تقدر أن تسمع يا محمد من سلبته السمع، فكذلك لا تقدر أن تفهم أمري ونهيي قلبا سلبته فهم ذلك، لأني ختمت عليه أنه لا يؤمن. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون) *.
يقول تعالى ذكره: ومن هؤلاء المشركين، مشركي قومك، من ينظر إليك يا محمد ويرى أعلامك وحججك على نبوتك، ولكن الله قد سلبه التوفيق فلا يهتدي، ولا تقدر أن تهديه، كما لا تقدر أن تحدث للأعمى بصرا يهتدي به. أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون يقول: أفأنت يا محمد تحدث لهؤلاء الذين ينظرون إليك وإلى أدلتك وحججك فلا يوفقون للتصديق بك أبصارا لو كانوا عميا يهتدون بها ويبصرون؟ فكما أنك لا تطيق ذلك ولا تقدر عليه ولا غيرك، ولا يقدر عليه أحد سواي، فكذلك لا تقدر على أن تبصرهم سبيل الرشاد، أنت ولا أحد غيري، لان ذلك بيدي وإلي. وهذا من الله تعالى ذكره تسلية لنبيه (ص) عن جماعة ممن كفر به من قومه وأدبر عنه فكذب، وتعزية له عنهم، وأمر برفع طمعه من إنابتهم إلى الايمان بالله. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون) *.
يقول تعالى ذكره: إن الله لا يفعل بخلقه ما لا يستحقون منه، لا يعاقبهم إلا بمعصيتهم إياه، ولا يعذبهم إلا بكفرهم به ولكن الناس يقول: ولكن الناس هم الذين يظلمون أنفسهم باجترامهم ما يورثها غضب الله وسخط. وإنما هذا إعلام من الله تعالى ذكره لنبيه محمد (ص) والمؤمنين به، أنه لم يسلب هؤلاء الذين أخبر جل ثناؤه عنهم أنهم لا