وذو علم بما يضمرونه في أنفسهم ويعلنونه، محصي ذلك عليهم كله، وهو لهم بالمرصاد.
وكسرت إن من قوله: إن العزة لله جميعا لان ذلك خبر من الله مبتدأ، ولم يعمل فيها القول، لان القول عني به قول المشركين وقوله: إن العزة لله جميعا لم يكن من قيل المشركين، ولا هو خبر عنهم أنهم قالوه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) *.
يقول تعالى ذكره: ألا إن لله يا محمد كل من في السماوات ومن في الأرض ملكا وعبيدا لا مالك لشئ من ذلك سواه، يقول: فكيف يكون إلها معبودا من يعبده هؤلاء المشركون من الأوثان والأصنام، وهي لله ملك، وإنما العبادة للمالك دون المملوك، وللرب دون المربوب. وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء يقول جل ثناؤه: وأي شئ يتبع من يدعو من دون الله، يعني غير الله وسواه شركاء. ومعنى الكلام: أي شئ يتبع من يقول لله شركاء في سلطانه وملكه كاذبا، والله المنفرد بملك كل شئ في سماء كان أو أرض. إن يتبعون إلا الظن يقول: ما يتبعون في قيلهم ذلك ودعواهم إلا الظن، يقول:
إلا الشك لا اليقين. وإن هم إلا يخرصون يقول: وإن هم يتقولون الباطل تظننا وتخرصا للإفك عن غير علم منهم بما يقولون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون) *.
يقول تعالى ذكره: إن ربكم أيها الناس الذي استوجب عليكم العبادة هو الرب الذي جعل لكم الليل وفصله من النهار، لتسكنوا فيه مما كنتم فيه في نهاركم من التعب والنصب، وتهدأوا فيه من التصرف والحركة للمعاش والعناء الذي كنتم فيه بالنهار.
والنهار مبصرا يقول: وجعل النهار مبصرا، فأضاف الابصار إلى النهار، وإنما يبصر فيه، وليس النهار مما يبصر ولكن لما كان مفهوما في كلام العرب معناه، خاطبهم بما في لغتهم وكلامهم، وذلك كما قال جرير: