الحجج والأدلة لقوم يعلمون إذا تدبروها، حقيقة وحدانية الله، وصحة ما يدعوهم إليه محمد (ص) من خلع الأنداد والبراءة من الأوثان. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون) *.
يقول تعالى ذكره منبها عباده على موضع الدلالة على ربوبيته وأنه خالق كل ما دونه.
إن في اعتقاب الليل والنهار واعتقاب النهار الليل. إذا ذهب هذا جاء هذا وإذا جاء هذا ذهب هذا، وفيما خلق الله في السماوات من الشمس والقمر والنجوم وفي الأرض من عجائب الخلق الدالة على أن لها صانعا ليس كمثله شئ، لآيات يقول لأدلة وحججا وأعلاما واضحة لقوم يتقون الله، فيخافون وعيده ويخشون عقابه على إخلاص العبادة لربهم.
فإن قال قائل: أو لا دلالة فيما خلق الله في السماوات والأرض على صانعه إلا لمن اتقى الله؟ قيل: في ذلك الدلالة الواضحة على صانعه لكل من صحت فطرته، وبرئ من العاهات قلبه، وليقصد بذلك الخبر عن أن فيه الدلالة لمن كان قد أشعر نفسه تقوى الله، وإنما معناه: إن في ذلك لآيات لمن اتقى عقاب الله فلم يحمله هواه على خلاف ما وضح له من الحق، لان ذلك يدل كل ذي فطرة صحيحة على أن له مدبرا يستحق عليه الاذعان له بالعبودة دون ما سواه من الآلهة والأنداد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون) *.
يقول تعالى ذكره: إن الذين لا يخافون لقاءنا يوم القيامة، فهم لذلك مكذبون بالثواب والعقاب، متنافسون في زين الدنيا وزخارفها، راضون بها عوضا من الآخرة، مطمئنين إليها ساكنين. والذين هم عن آيات الله، وهي أدلته على وحدانيته، وحججه على عباده في إخلاص العبادة له غافلون معرضون عنها لاهون، لا يتأملونها تأمل ناصح لنفسه، فيعلموا بها حقيقة ما دلتهم عليه، ويعرفوا بها بطول ما هم عليه مقيمون. أولئك مأواهم النار يقول جل ثناؤه: هؤلاء الذين هذه صفتهم مأواهم مصيرها إلى النار نا جهنم في الآخرة. بما كانوا يكسبون في الدنيا من الآثام والاجرام ويجترحون من السيئات.