فإن قال قائل: أو ليس الايمان في كلام العرب التصديق والاقرار؟ قيل: بلى. فإن قيل: فكيف زادتهم السورة تصديقا وإقرارا؟ قيل: زادتهم إيمانا حين نزلت، لأنهم قبل أن تنزل السورة لم يكن لزمهم فرض الاقرار بها والعمل بها بعينها إلا في جملة إيمانهم بأن كل ما جاءهم به نبيهم (ص) من عند الله فحق فلما أنزل الله السورة لزمهم فرض الاقرار بأنها بعينها من عند الله، ووجب عليهم فرض الايمان بما فيها من أحكام الله وحدوده وفرائضه، فكان ذلك هو الزيادة التي زادتهم نزول السور حين نزلت من الايمان والتصديق بها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا قال: كان إذا نزلت حدثني المثنى، سورة آمنوا بها، فزادهم الله إيمانا وتصديقا، وكانوا يستبشرون قال حدثنا المثنى قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، في قوله: فزادتهم إيمانا قال: خشية. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) *.
يقول تعالى ذكره: وأما الذين في قلوبهم مرض، نفاق وشك في دين الله، فإن السورة التي أنزلت زادتهم رجسا إلى رجسهم وذلك أنهم شكوا في أنها من عند الله، فلم يؤمنوا بها ولم يصدقوا، فكان ذلك زيادة شك حادثة في تنزيل الله لزمهم الايمان به عليهم بل ارتابوا بذلك، فكان ذلك زياد نتن من أفعالهم إلى ما سلف منهم نظيره من النتن والنفاق، وذلك معنى قوله: فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا يعني هؤلاء المنافقين أنهم هلكوا، وهم كافرون يعني وهم كافرون بالله وآياته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون) *.
اختلفت القراء في قراءة قوله: أو لا يرون فقرأته عامة قراء الأمصار: أو لا